رغم الغضب الشعبي والمعارضة

لماذا يُصِر نتنياهو على التضحية بأسراه لدى المقاومة ؟

لماذا يُصِر نتنياهو على التضحية بأسراه لدى المقاومة ؟
تقارير وحوارات

غزة / معتز شاهين:
في وقت يشهد فيه قطاع غزة حربًا إسرائيلية، يواصل رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" رفض جميع محاولات التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الأسرى، مما يثير تساؤلات حول دوافعه الحقيقية وراء هذا الرفض.

بينما تتعرض حكومة نتنياهو لضغوط شعبية من عائلات الأسرى والمعارضة، يصر رئيسها على أن أي صفقة لتبادل الأسرى قد تهدد استقرار تحالفه الحاكم.

وقد اتهم محللون ومختصون بالشأن الإسرائيلي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باستخدام الحرب في قطاع غزة كوسيلة للبقاء السياسي، مؤكدين أن رفض نتنياهو لأي تهدئة أو صفقة تبادل يعكس دوافع سياسية بالدرجة الأولى، تتعلق بسقوط حكومته.

وأوضح هؤلاء لـ "الاستقلال" يوم الأربعاء، أن "نتنياهو" يخضع لضغوط من داخل حكومته، خصوصًا من التيارات اليمينية المتطرفة مثل "بن غفير" و"سموتريتش"، الرافضين لأي تنازلات في ظل استمرار الحرب.

واتهمت قوى المعارضة الإسرائيلية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه يضع مستقبله السياسي فوق مصلحة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، في ظل استمرار العدوان ورفض الحكومة لعدد من المبادرات الدولية والإقليمية التي تضمنت صفقات تبادل أسرى.

وقالت شخصيات بارزة في المعارضة إن نتنياهو يرفض الرزمة الشاملة التي طُرحت مؤخرًا لإطلاق سراح الأسرى، معتبرين أن هذا الرفض ليس مبررًا أمنيًا أو تفاوضيًا، بل يأتي في سياق سعيه للحفاظ على بقائه السياسي، وسط تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية.

جاء ذلك في بيانين على منصة "أكس" ، نشرهما زعيما حزبي "الديمقراطيين" يائير غولان، و"هناك مستقبل" يائير لابيد، تعليقا على نشر مقطع فيديو للأسير الإسرائيلي بارون بارسلافسكي.

ومساء الأربعاء قبل الماضي، بثت "سرايا القدس" الذراع العسكري لـ "حركة الجهاد الإسلامي" مقطع فيديو لبارسلافسكي المحتجز لديها في قطاع غزة، وحمّل الأسير، نتنياهو المسؤولية عن حياته، مؤكدًا أن "الضغط العسكري" الذي يمارسه الأخير على القطاع لن يحقق شيئًا في سبيل تحريره.

ويأتي بث هذا الفيديو في ظل مظاهرات متواصلة لعائلات الأسرى الإسرائيليين للضغط على حكومة نتنياهو، وإجبارها على توقيع صفقة لتبادل الأسرى مع حركات المقاومة حتى لو أدى ذلك إلى وقف الحرب على غزة.

وتتهم العائلات نتنياهو بالتضحية بأبنائها من أجل مصالح سياسية شخصية، في إشارة إلى رفضه وقف الحرب على غزة استجابة لمتطرفين في ائتلافه الحكومي هددوا بإسقاطه حال أقدم على تلك الخطوة.

"حرب البقاء"
واتهم المختص بالشأن الإسرائيلي، د. عمر جعارة، رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باستخدام الحرب في قطاع غزة كوسيلة للبقاء السياسي، مؤكدًا أن رفض نتنياهو لأي تهدئة أو صفقة تبادل شاملة للأسرى يعكس دوافع سياسية بالدرجة الأولى، تتعلق بخوفه من سقوط حكومته والذهاب نحو انتخابات مبكرة.

وقال د. جعارة في حديثه مع "الاستقلال"، يوم الأربعاء، إن "نتنياهو يرفض وقف الحرب والخروج من غزة كما فعل في حروبه السابقة بين عامي 2006 و2024"، لأنه يدرك أن أي تهدئة ستعني تفكك حكومته.

وأضاف: "نتنياهو يُطيل عمر الحرب لإطالة عمر حكومته، التي لا يتبقى من ولايتها الرسمية سوى عام واحد فقط، وسط توقعات بأن هذا العام سيكون الأصعب عليه سياسيًا وشعبيًا".

وأوضح د. جعارة أن حكومة "نتنياهو" تواجه أزمة اقتصادية شاملة تشمل الغلاء المعيشي، وتوقف الزراعة، وانهيار قطاع البناء، وارتفاع الفائدة، ونقص الجنود، مما يزيد هشاشة الداخل ويدفع نتنياهو للتشبث بالحرب كمخرج أخير ووحيد.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، أكد جعارة فشل سياسات نتنياهو الخارجية في تحقيق أهداف الحرب، مشيرًا إلى تراجع صورة "إسرائيل" عالميًا وتصاعد معاداة السامية بنسبة 200% في أمريكا، ما يعكس تدهور مكانتها الدولية.

وحول احتمالات التغيير في المشهد يرى المختص بالشأن الإسرائيلي أن أي حكومة بديلة ستنتهج سياسة مغايرة تمامًا، لأن فشل نتنياهو أصبح واضحًا داخليًا وخارجيًا، والحرب التي يخوضها اليوم تفتقر حتى الآن إلى هدف سياسي أو عسكري واضح، ما يجعلها استمرارًا لأزمة حكم أكثر من كونها معركة وطنية حقيقية.
"الهروب للأمام"
بدوره، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي، إسماعيل مسلماني، أن رفض رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" مقترح الرزمة الشاملة لإطلاق سراح الأسرى يأتي بدافع الحفاظ على مستقبله السياسي، معتبرًا أن هذا الرفض يعكس مزيجًا من الحسابات الأمنية والسياسية، لكنه في جوهره "قرار محسوب سياسيًا".

وأوضح مسلماني لـ "الاستقلال" يوم الأربعاء، أن "نتنياهو" يخضع لضغوط من داخل حكومته، خصوصًا من التيارات اليمينية المتطرفة مثل "بن غفير" و"سموتريتش"، الرافضين لأي تنازلات في ظل استمرار الحرب.

وأضاف أن أي صفقة لإطلاق سراح الأسرى قد تُفسَّر كعلامة على الضعف، وهو ما قد يُهدد استقرار التحالف الحاكم.

وانتقد مسلماني ما وصفه بـ "التوظيف السياسي" لملف الأسرى، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب يصبّ في مصلحة نتنياهو من حيث البقاء في السلطة وتفادي الأزمات الداخلية المتراكمة، أبرزها قضايا الفساد وتراجع الشعبية.
واعتبر أن انتقادات المعارضة تبدو واقعية، خاصة في ظل الضغط الشعبي المتزايد من عائلات الأسرى، والتعثر المتكرر في الوصول إلى اتفاق. مضيف أن "الملف تحول إلى ورقة سياسية تُستخدم لتثبيت التحالفات الداخلية، وليس لحل أزمة إنسانية وطنية".

التعليقات : 0

إضافة تعليق